Admin Admin
عدد المساهمات : 132 تاريخ التسجيل : 23/05/2011
| موضوع: الرشوة في المغرب الخميس يونيو 09, 2011 10:54 am | |
| الرشوة لغة –بفتح الرّاء أو ضمّها أو كسرها- هي: الجُعْلُ. وشرعًا: هي كل ما يُعطى لإبطال حقّ أو لإحقاق باطل. وحُكمها االتحريم بكتاب الله وسنة رسوله وإجماع علماء المسلمين قديمًا وحديثًا.ومما لا شك فيه أن الرشوة والهدية قد يشتبهان في الصورة، لكن الفرق بينهما هو في القصد والباعث على كل منهما حيث قصد الْمُهْدِي في الأساس استجلاب المودة والمعرفة والإحسان.في قاموسنا الشعبي المغربي لدينا نوعان من الرشوة: الرشوة الكبرى، والرشوة الصغرى. وكلها تدخل ضمن ما يسمى بالحلاوة، التدويرة، الدهنة، القهوة… هذه الآفة التي تنتشر بشكل مهول داخل المجتمع المغربي فقيره وغنيّه، وتنخر الجسد الاجتماعي وتحكم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية وتطبع سلوك الفرد في علاقته بمحيطه المجتمعي…ومن الملاحظ أن الرشوة في المغرب تشبه وحشا خرافيا يزداد ضخامة كلما كثرت المحاولات من أجل القضاء عليه، لذلك أصبحت الرشوة عندنا واقعا يوميا في الإدارات العمومية والخاصة، وأضحت واقعا متعارفا عليه في الصفقات الكبرى، حتى قيل بأنها أقدم «مهنة» في البلاد. وتتحدث مصادر تاريخية عن أن الرشوة في المغرب كانت تكتسب طابعا قريبا من الشرعية. ففي القرون الماضية كان المسؤولون المغاربة يصلون إلى مناصبهم عن طريق دفع الرشوة للمسؤولين الأعلى منهم مركزا. وحين يتولون المسؤولية فإن أول ما يبدأون به هو ابتزاز الناس العاديين، لكي يسترجعوا من خلالهم المبالغ التي دفعوها لحصولهم على المنصب. غير أن الرشوة في مغرب اليوم صارت كائنا بلا ملامح. فابتداء من الرشاوى اليومية الصغيرة، التي تبدأ بما يعادل عشر دراهم إلى عشرين درهما، سواء داخل الإدارات أو في الطرقات، فإن هناك الرشاوى الكبرى التي تصل إلى ملايين الدراهم، وأغلبها تمر مباشرة إلى الحسابات البنكية للمرتشين في مصارف خارج البلاد، في الوقت الذي يصرّح فيه سي بوزوبع، وزير العدل، بأن الحكومة استطاعت تحجيم الرشوة، لكن الواقع يُظهر أنه تصريح فقط لطمأنة الشارع المغربي ليس إلا. ولعل ما يؤكد ذلك كثرة الشكايات التي قدمت من طرف العديد من موظفي القطاع العمومي يفصحون فيها عن اضطرارهم إلى تقديم رشاوى وصلت مبالغ ضخمة مقابل الموافقة على المغادرة الطوعية لوظائفهم.تقول الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترنسبارنسي" إن المغرب ارتقى من المرتبة 45 سنة 1999 إلى المرتبة 37 سنة 2000 ثم نزل إلى 52 سنة 2002 و 70 سنة 2003 و77 سنة 2004 ثم 78 سنة 2005. لكن آخر بحث في الموضوع يؤكد أن 60 في المائة من المغاربة دفعوا الرشوة خلال هذا العام، وهذا ما يضع المغرب في المرتبة الثانية بعد ألبانيا (66 في المائة)، وتلينا في الترتيب دولة الكاميرون بنسبة 57 في المائة….والتصدي لهذه الظاهرة يقع على عاتق الدولة وأفراد المجتمع، فمسؤولية الأولى تكمن في توفير إرادة سياسية حقيقية للقضاء على الاقتصاد غير المهيكل وإعادة النظر في منظومة الأجور ونظام الصفقات العمومية… أما مسؤولية المجتمع فتكمن في التجاوب الفاعل والفعال لأفراده مع مطلب التصدي لهذه الظاهرة، وهذا لن يتأثى إلا بتحصينه وتقوية مناعته الاجتماعية التي من شأنها تمكنه من قطع دابر الارشاء والارتشاء، عبر التأطير والتوعية والتربية على ثقافة المواطنة… وهذه مسؤولية تنخرط فيها الإدارة والأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والحزب والمعمل والنقابة والمسجد والمجتمع المدني.وأخيرا، تقول النكتة بأن مسؤولا حزبيا مهتما بشؤون البلاد، صعد فوق المنصة فخطب على جمع غفير من الناس، فأزبد وأرعد ثم قال: "كم ستعطونني لأقضي لكم على آفة الرشوة؟؟"… | |
|